فصل: سنة اثنتين وتسعين وثلاثمئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ست وثمانين وثلاثمئة:

فيها توفي أبو حامد النعيمي، أحمد بن عبد الله بن نعيم السَّرخسي، نزيل هراة، في ربيع الأول، روى الصحيح عن الفربري، وسمع من الدَّغولي وجماعة.
وأبو أحمد السامرِّي، عبد الله بن الحسين بن حسنون البغدادي المقرئ، شيخ الإقراء بالديار المصرية، في المحرم، وله إحدى وتسعون سنة.
قرأ القر آن في الصّغر، فذكر أنه قرأ على أحمد بن سهل الأشناني، وأبي عمران الرقّي، وابن شنَّبوذ، وابن مجاهد. وحدّث عن أبي العلاء محمد بن أحمد الوكيعي، فاتهمه الحافظ عبد الغني المصري في لقبه وقال: لا أسلّم على من يكذب في الحديث، وفي العنوان أن السامرِّي، قرأ على محمد بن يحيى الكسائي، وهذا الوهم من صاحب العنوان، لأن محمد بن يحيى، توفي قبل مولد السامرِّي بخمس عشرة سنة، أو هو محمد بن السامرّي، ويدلّ عليه قول محمد بن الصوري: قد ذكر أبو أحمد، أنه قرأ على الكسائي الصغير، فكتب في ذلك إلى بغداد، يسأل عن وفاة الكسائي، فكان الأمر من ذلك بعيداً.
قلت: ثم إن أبا أحمد، أمسك عن هذا القول. وروى عن ابن مجاهد، عن الكسائي قلت وثقه أبو عمر الداني وأقره الحافظ محمد بن الجزري كما قاله في النشر.
وعبيد الله بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن جميل، أبو أحمد الأصبهاني. روى مسند أحمد بن منيع، عن جدّه، ومات في شعبان.
والحربي: أبو الحسن علي بن عمر الحميري البغدادي، ويعرف أيضاً بالسكرى وبالصيرفي والكيّال. روى عن أحمد بن الحسن الصوفي، وعباد بن علي السِّريني، والباغندي وطبقتهم، ولد سنة ست وتسعين ومئتين، وسمع سنة ثلاث وثلاثمئة، باعتناء أخيه، وتوفي في شوال.
وأبو عبد الله الختن الشافعي، محمد بن الحسن الإستراباذي، ختن أبي بكر الإسماعيلي، وهو صاحب وجه في المذهب، وله مصنّفات، عاش خمساً وسبعين سنة، وكان أديباً بارعاً مفسراً مناظراً. روى عن أبي نعيم عبد الملك ابن عديّ الجرجاني، توفي يوم عرفة.
وأبو طالب، صاحب القوت، محمد بن علي بن عطية الحارثي العجمي، ثم المكّي، نشأ بمكة، وتزهد وسلك، ولقي الصوفية، وصنّف ووعظ، وكان صاحب رياضة ومجاهدة، وكان على نحلة أبي الحسن بن سالم، البصري، شيخ السالمية. روى عن عليّ بن أحمد المصيِّصي، وغيره.
والعزيز بالله، أبو منصور نزار بن المعزّ بالله معدّ بن المنصور إسماعيل بن القائم محمد بن المهدي العبيدي الباطني، صاحب مصر والمغرب والشام، ولي الأمر بعد أبيه، وعاش اثنتين وأربعين سنة، وكان شجاعاً جواداً حليماً، قريباً من الناس، لا يحبّ سفك الدّماء، له أدب وشعر، وكان مغرى بالصيد، وقام بعده ابنه الحاكم.

.سنة سبع وثمانين وثلاثمئة:

فيها توفي أبو القاسم بن الثلاّج، عبد الله بن محمد البغدادي الشاهد، في ربيع الأول، وله ثمانون سنة. روى عن البغوي وطائفة، واتُّهم بالوضع.
وأبو القاسم، عبيد الله بن محمد بن خلف بن سهل المصري البزار، ويعرف بابن أبي غالب، روى عن محمد بن محمد الباهلي، وعلي ابن أحمد بن علان، وطائفة. وكان من كبراء المصريين ومتموِّليهم.
وابن بطّة، الإمام أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري، الفقيه الحنبلي العبد الصالح، في المحرم وله ثلاث وثمانون سنة. وكان صاحب حديث، ولكنه ضعيف، من قبل حفظه. روى عن البغوي، وأبي ذرّ بن الباغندي، وخلق. وصنّف كتاباً كبيراً في السنة. قال العتيقي: كان مستجاب الدّعوة.
وابن مردك، أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك البردعي البزاز، ببغداد، حدّث عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، وجماعة. ووثّقه الخطيب، توفي في المحرم، وكان عبداً صالحاً.
وفخر الدولة علي بن أبي زكريا الحسن بن بويه الدَّيلمي سلطان الرّي وبلاد الجبل، وزر له الصاحب إسماعيل بن عبّاد، وكان ملكاً شجاعاً مطاعاً، جمّاعاً للأموال، واسع الممالك، عاش ستّاً وأربعين سنة، وكانت أيامه أربع عشرة سنة، لقّبه الطائع: ملك الأمّة، وكان أجلّ من بقي من ملوك بني بويه، كان يقول: قد جمعت لولدي ما يكفيهم ويكفي عسكرهم، خمس عشرة سنة، خلّف من الذهب عيناً وأواني وحلية، قريباً من أربعة آلاف ألف دينار، ومن الذخائر والمتعة على هذا النحو، ولما مات، ضمّت الخزائن، واشتروا له ثوباً كفنوه فيه، من قيّم الجامع.
وأبو ذرّ عمّار بن محمد بن مخلد التميمي البغداديّ، نزيل بخارى، روى عن يحيى بن صاعد وطائفة، ومات في صفر، روى عنه عبد الواحد الزبيري، الذي عاش بعده، مئة وثمان سنين، وهذا معدوم النظير.
وأبو الحسين بن سمعون، الإمام القدوة الناطق بالحكمة، محمد بن أحمد بن إسماعيل البغدادي الواعظ، صاحب الأحوال والمقامات. روى عن أبي بكر بن داود، وجماعة، وأملى عدّة مجالس، ولد سنة ثلاثمئة، ومات في نصف ذي القعدة، ولم يخلف ببغداد بعده مثله.
وأبو الطيّب السُّلمي، محمد بن الحسين الكوفي، سمع عبد الله بن زيدان البجلي، وجماعة، وكان ثقة.
وأبو الفضل الشَّيباني، محمد بن عبد الله الكوفي، حدّث ببغداد عن محمد بن جرير الطبري، والكبار لكنه كان يضع الحديث للرافضة، فترك.
وأبو طاهر، محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة السُّلمي النيسابوري، روى الكثير عن جدّه، وأبي العباس السرّاج، وخلق. واختلط قبل موته بثلاثة أعوام، فتجنَّبوعه.
ومحمد بن المسيّب، الأمير أبو الذّواد العقيلي، من أجلاء أمراء العرب، تملكَّ الموصل، وغلب عليها، في سنة ثمانين وثلاثمائة، وصاهر بني بويه، وتمَّلك بعده أخوه حسام الدولة مقلَّد بن المسيّب.
وأبو القاسم السرّاج، موسى بن عيسى البغدادي، وقد نيّف على التسعين. روى عن الباغندي وجماعة، وثّقه عبيد الله الأزهري.
ونوح بن الملك منصور بن الملك نوح بن الملك نصر بن الملك أحمد بن الملك إسماعيل الساماني، أبو القاسم، سلطان بخارى وسمرقند، وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة، وولي بعده ابنه المنصور، ثم بعد عامين، توثّب عليه أخوه، عبد الملك بن نوح، الذي هزمه السلطان محمود بن سبكتين، وانقرضت الدولة السّامانيّة.

.سنة ثمان وثمانين وثلاثمئة:

فيها توفي أبو بكر، أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج الشّيرازيّ الحافظ، وكان من كبار المحدّثين، سأله حمزة السَّهمي، عن الجرح ولتعديل، وعمّر دهراً، روى عن الباغندي والبغوي والكبار. وأوّل سماعه، سنة أربع وثلاثمئة، توفي في صفر بالأهواز، وكان يقال له الباز الأبيض.
وأبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي الصيَّرفي الحافظ، روى عن إسماعيل الصفار وطبقته. وكان عجباً في حفظ الحديث وسرده. روى عنه أبو حفص بن شاهين مع تقدُّمه، وتوفي في ربيع الآخر، عن إحدى وستين سنة، وكان ثقة، غمزه بعضهم.
وأبو سليمان الخطّابي، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطّاب البستي الفقيه الأديب، صاحب معالم السنن وغريب الحديث والغنية عن الكلام وشرح الأسماء الحسنى وغير ذلك. رحل وسمع أبا سعيد بن الأعرابي، وإسماعيل الصفّار والأصم، وطبقتهم، وسكن بنيسابور مدّة، توفي ببست في ربيع الآخر، وكان علامة محققاً.
وأبو الفضل الفامي، عبيد الله بن محمد النيسابوري. روى عن أبي العباس السرّاج وغيره.
وأبو العلا بن ماهان، عبد الوهاب بن عيسى البغدادي ثم المصري، راوي صحيح مسلم، عن أبي بكر أحمد بن محمد الأشقر، سوى ثلاثة أجزاء من آخر الكتاب، يرويها عن الجلوديّ.
وأبو حفص عمر بن محمد بن عراك المصري المقرئ المجوّد القيِّم بقراءة ورش، توفي يوم عاشوراء، قر أ على أصحاب إسماعيل النّحاس.
وأبو الفرج الشَّنَّبوذي، محمد بن أحمد بن إبراهيم المقرئ، غلام ابن شنَّبوذ، قرأ عليه القراءات، وعلى ابن مجاهد وجماعة. واعتنى بهذا الشأن، وتصدّر للإقراء، وكان عارفاً بالتفسير، وكان يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن، تكلم فيه الدَّارقطني.
وأبو بكر الإشتيخني محمد بن أحمد بن متّ، الراوي صحيح البخاري، عن الفربري، توفي في رجب، بما وراء النهر.
وأبو علي الحاتمي، محمد بن الحسن بن مظفَّر البغدادي اللغويّ الكاتب، أخذ اللغة عن أبي عمر الزاهد، وكان بصيراً بالآداب.
وأبو بكر الجوزقي، محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني الحافظ المعدَّل، شيخ نيسابور ومحدّثها، مصنف الصحيح، روى عن السرّاج، وأبي حامد بن الشَّرقي وطبقتهما. ورحل إلى أبي العباس الدُّغولي، وإلى ابن الأعرابي، وإلى وإسماعيل الصفّار. قال الحاكم: انتقيت له فوائد في عشرين جزءاً، ثم ظهر بعدها سماعه من السرّاج.
قلت: اعتنى به خاله أبو إسحاق المزكَّي، توفي في شوال، عن اثنتين وثمانين سنة.
وأبو بكر الأدفوي، محمد بن علي بن أحمد المصري المقرئ المفسّر النحوي، وأدفو بقرب أسوان، وكان خشاباً، أخذ عن أبي جعفر النّحاس فأكثر، وأتقن ورش، على أبي غانم المظفَّر بن أحمد، وألف التفسير في مائة وعشرين مجلداً، وكان شيخ الديار المصرية وعالمها، وكانت له حلقة كبيرة للعلم، توفي في ربيع الأول.

.سنة تسع وثمانين وثلاثمئة:

تمادت الرافضة في هذه الأعصر في غيِّهم، بعمل عاشوراء باللطم والعويل، وبنصب القباب والزينة، وشعار الأعياد يوم الغدير، فعمدت جاهلية السنة، وأحدثوا في مقابلة يوم عيد الغدير، يوم الغار، وجعوه بعد ثمانية أيام من يوم الغدير، وهو السادس والعشرون من ذي الحجة، وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، اختفيا حينئذ في الغار، وهذا جهل وغلط، فإن أيام الغار، إنما كانت بيقين، في شهر صفر، وفي أول ربيع الأول، وجعلوا بإزاء عاشوراء وبعده بثمانية أيام، يوم مصرع مصعب بن الزبير، وزاروا قبره يومئذ بمسكن، وبكوا عليه، ونظروه بالحسين، لكونه صبر وقاتل حتى قتل، ولأن أباه ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وحواريّة وفارس الإسلام، كما أن أبا الحسين، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وفارس الإسلام، فنعوذ بالله من الهوى والفتن. ودامت السُّنّة على هذا الشِّعار القبيح مدّة عشر سنين.
وفيها توفي أبو محمد المخلدي، الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن ابن علي بن مخلد النيسابوري المحدِّث، شيخ العدالة، وبقيّة أهل البيوتات، في رجب، روى عن السرّاج، وزنجويه اللبّاد، وطبقتهما.
وأبو علي، زاهر بن أحمد السَّرخسي، الفقيه الشافعي، أحد الأئمة،
في ربيع الآخر، وله ست وتسعون سنة. روى عن أبي لبيد السامي، والبغويّ، وطبقتهما.
قال الحاكم: شيخ عصره بخراسان، وكان قد قرأ على ابن مجاهد وتفقّه وطبقتهما.
على أبي إسحاق المروزي، وتأدب على ابن الأنباري.
قلت: وأخذ علم الكلام عن الأشعريّ، وعمّر دهراً.
وأبو محمد بن عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي، شيخ المغرب، وإليه انتهت رئاسة المذهب.
قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخّص المذهب، وملأ البلاد في تواليفه، حج وسمع من أبي سعيد بن الأعرابي وغيره، وكان يسمى مالكاً الصغير. قال الحبّال: توفي للنصف في شعبان.
وأبو الطيّب بن غلبون، عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي المقري الشافعي، صاحب الكتب في القراءات، قرأ على جماعة كثيرة، وروى الحديث، وكان ثقة محققاً. بعيد الصّيت، توفي بمصر، في جمادى الأولى، وله ثمانون سنة، أخذ عنه خلق.
وأبو القاسم بن حبابة المحدّث، عبيد الله بن محمد بن إسحاق البغدادي المتُّوثي البذار، رواي الجعديات عن البغويّ، في ربيع الآخر.
وأبو الهيثم الكشميهني محمد بن مكّي المروزي، راوية البخاري،
عن الفربري، توفي عرفة، وكان ثقة.
وقاضي القضاة لصاحب مصر أبو عبد الله محمد بن النعمان بن محمد بن منصور الشِّيعي في الظاهر، الباطني فيما أحسب، ولد قاضي القوم، وأخو قاضيهم.
قال ابن زولاق: لم نشاهد بمصر لقاض من الرئاسة ما شاهدناه له، ولا بلغنا ذلك من قاضٍ بالعراق، ووافق ذلك، استحقاقاً لما فيه من العلم والصيّانة، والهيبة وإقامة الحق، وقد ارتفعت رتبته، حتى إن العزيز، أجلسه معه يوم الأضحى على المنبر، وزادت عظمته في دولة الحاكم، ثم تعلّل وتنقرس، ومات في صفر، وله تسع وأربعون سنة، وولي القضاء بعده، ابن أخيه، الحسين بن علي، الذي ضربت عنقه في سنة أربع وتسعين.

.سنة تسعين وثلاثمئة:

فيها عظم أمر الشطار، وأتوا بيوت الناس نهاراً جهاراً، وواصلوا العملات، وقتلوا وبدّعوا، وأشرف الناس بهم على أمر عظيم، وقويت شوكتهم، وصار فيهم علويّون وعباسيون، حتى جاء عميد الجيوش وولاه بهاء الدولة تدبير العراق، فغرّق وقتّل وقلّ المفسد.
وفيها توفيت أمة السّلام، بنت القاضي أحمد بن كامل بن شجرة البغدادية وكانت ديّنة فاضلة. روت عن محمد بن إسماعيل البصلاني وغيره.
وحنش بن محمد بن صمصامة القائد، أبو الفتح الكناني، ولي إمرة دمشق ثلاث مرات لصاحب مصر وكان جباراً ظلوماً غشوماً سفاكاً للدماء، وكثر ابتهال أهل دمشق إلى دمشق في هلاكه، حتى هلك بالجذام في هذه السنة.
وأبو حفص الكتّاني بن إبراهيم البغدادي المقرئ صاحب ابن مجاهد، قرأ عليه، وسمع منه، كتابه في القراءات، وحدّث عن البغويّ وطائفة، توفي في رجب، وله تسعون سنة، وكان ثقة.
وابن أخي ميمي الدقّاق، أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين البغدادي. روى عن البغويّ وجماعة، وله أجزاء مشهورة، توفي في رجب.
وأبو الحسن محمد بن عمر بن يحيى العلوي الحسنيّ الزّيدي الكوفي، رئيس العلويّ بالعراق، ولد سنة عشرة وثلاثمئة، وروى عن هنّاد بن السريّ الصغير، صادرة عضد الدولة، وحبسه وأخذ أمواله، ثم أخرجه شرف الدولة لما تملّك، وعظم شأنه في دولته، فيقال إنه كان من أكثر العلويين مالاً، وقد أخذ منه عضد الدولة، ألف ألف دينار.
وأبو زرعة الكشِّي، محمد بن يوسف الجرجاني الحافظ- وكشّ قرية قريبة من جرجان- سمع إبراهيم بن عديّ، وأبي العباس الدَّغولي وطبقتهما، بنيسابور وبغداد وهمذان والحجاز، وصنّف وحمع الأبواب والمشايخ، جاور بمكة سنوات، وبها توفي.
والمعافى بن زكريا، القاضي أبو الفرج النَّهرواني الجريري، ويعرف أيضاً بابن طرار تفقّه على مذهب محمد بن جرير الطبري، وسمع من البغويّ، وطبقته فأكثر، وجمع فأوعى، وبرع في عدّة علوم. قال الخطيب: كان من أعلم الناس في وقته، بالفقه والنحو واللغة وأصناف الآداب، ووليّ القضاء بباب الطَّاق، وبلغنا عن الفقيه أبي محمد البافي، أنه كان يقول: إذا حضر القاضي أبو الفرج، لوجب أن يدفع إليه. قال البرقاني: كان المعافى أعلم الناس، توفي المعافى بالنَّهروان، في ذي الحجة، وله خمس وثمانون سنة، وكان قانعاً باليسير متعفّفاً.

.سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة:

فيها توفي أحمد بن عبد الله بن حميد بن زريق البغدادي، أوب الحسن، نزيل مصر، ثقة. يروي عن المحاملي، ومحمد بن مخلد، وجماعة. وكان صاحب حديث، رحل إلى دمشق والرّقَّة.
وأحمد بن يوسف الخشّاب أبو بكر الثَّقفي، المؤذِّن بأصبهان. روى عن الحسن بن دلويه، وجماعة كثيرة.
وجعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الفرات، أبو الفضل بن جنزابة البغدادي، وزير الديار المصرية، ابن وزير المقتدر أبي الفتح، حدّث عن محمد بن هارون الحضرمي، والحسن بن محمد الداركي وخلق. وكان صاحب حديث، ولد سنة ثمان وثلاثمئة، ومات في ربيع الأول.
قال السلفي: كان ابن حنزابة من الحفاظ الثقات، يملي في حال وزارته، لا يختار على العلم وصحبة أهله شيئاً، وقال غيره: كان له عبادة وتهّد، وصداقات عظيمة إلى الغاية، توفي بمصر، ونقل فدفن في دار اشتراها من الأشراف بالمدينة، من أقرب شيء إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وابن الحجاج الأديب، أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج البغدادي الشِّيعي المحتسب، الشاعر المشهور، وديوانه في عدّة مجلدات في عصره، أخذ عن القاضي بشر بن الحسين، وقدم من شيراز، في صحبة الملك عضد الدولة، فاشتغل بن الحسين، وقدم من شيراز، في صحبة الملك عضد الدولة، فاشتغل عليه فقهاء بغداد. قال أبو عبد الله الصيمري: ما رأيت فقيهاً أنظر منه، ومن أبي حامد الإسفراييني الشافعي.
وأبو القاسم عيسى بن الوزير علي بن عيسى بن داود بن الجرّاح البغدادي، الكاتب المنشئ، ولد سنة اثنتين وثلاثمئة، ومات في أول ربيع الأول.
قال ابن أبي الفوارس: كان بشيء من مذهب الفلاسفة.
قلت: روى عن البغوي وطبقته، وله أمالٍ سمعت منها.
وحسام الدولة، مقلَّد بن رافع العقيلي، صاحب الموصل، تملَّكها بعد أخيه أبي الذَّوّاد، في إحدى عشرة سنة، مدّة الأخوين، وقد بعث القادر بالله إلى مقلَّد، خلع السلطنة، واستخدم هو ثلاثة آلاف من الترك والدَّيلم، ودانت له عرب خفاجة، وله شعر، وهو رافضي، قتله غلام له، ورثاء الشريف الرضيّ، وتملّك بعده ابنه، معتمد الدولة قرواش، خمسين سنة.
والمؤمَّل بن أحمد أبو القاسم الشيباني البزّاز، بغداديّ، ثقة، نزل مصر، وحدّث عن البغوي، وابن صاعد، وجماعة، وعمّر دهراً.

.سنة اثنتين وتسعين وثلاثمئة:

فيها زاد أمر الشطَّار، وأخذوا الناس ببغداد، مهاراً جهاراً، وقتلوا وبدّعوا، وواصلوا أخذ العملات، وكثروا، وصار فيهم هاشميّون، فسيَّر بهاء الدولة- كان غائباً- عميد الجيوش، إلى العراق ليسوسها، فقطّع وغرّق، ومنع السنَّة والشّيعة من إظهار مذهبهم، وقامت الهيبة.
وفيها توفي الحاجبي، أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشّاني السمرقندي، سمع الصحيح من الفربري، ومات في هذه السنة، وقيل في التي قبلها.
والضرّاب، أبو محمد الحسن بن إسماعيل المصري المحدّث، راوي المجالسة عن الدِّينوريّ، توفي في ربيع الآخر، وله تسع وسبعون سنة.
والأصيلي الفقيه، أبو محمد عبد الله بن إبراهيم المغربي، أخذ عن وهب بن أبي مسر ة، وكتب بمصر عن أبي الطاهر الذهلي وطبقته، وبمكة عن الآجرِّي، وببغداد عن أبي علي بن الصواف، وكان عالماً بالحديث، رأساً في الفقه. قال الدارقطني: لم أر مثله. وقال غيره: كان نظير أبي محمد بن أبي زيد بالقيروان، وكان على طريقته وهديه وكان علي السوري بقرطبة.
وعبد الرحمن بن أبي شريح، أبو محمد الأنصاري، محدث هراة، روى عن البغوي والكبار، ورحل إليه الطلبة، وآخر من روى حديثه عالياً، أبو المنجَّا بن اللتِّي، توفي في صفر.
وأبو الفتح عثمان بن جنّي الموصلي النحوي، صاحب التصانيف، وكان أبوه مملوكاً رومياً، توفي في صفر، في عشر السبعين. قرأ على المتنبي ديوانه، ولازم أبا عليّ الفارسي.
والوليد بن بكر الغمري الأندلسي السرقسطي الحافظ، رحل بعد الستين وثلاثمئة، وروى عن الحسن بن رشيق، وعلي بن الخصيب وخلق. قال ابن الفرضي: كان إماماً في الفقه والحديث، عالماً باللغة والعربية، لقي في الرحلة أزيد من ألف شيخ. وقال غيره: له شعرٌ فائق، توفي بالدِّينور.

.سنة ثلاث وتسعين وثلاثمئة:

فيها توفي أبو جعفر، أحمد بن محمد بن المرزبان الأبهري- أبهر أصبهان- سمع جزء لوين، من محمد بن إبراهيم الحزورَّي، سنة خمس وثلاثمئة، وكان ديّناً فاضلاً.
وأبو إسحاق الطبري، إبراهيم بن أحمد المقرئ الفقيه المالكي المعدَّل، أحد الرؤساء والعلماء ببغداد، قرأ القرآن على ابن ثوبان، وأبي عيسى بكّار، وطبقتهما. وحدّث عن إسماعيل الصفّار، وطبقته. وكانت داره، مجمع أهل القرآن والحديث، وإفضاله زائد على أهل العلم، وهو ثقة.
والجوهري، صاحب الصحاح، أبو نصر إسماعيل بن حمّاد التركي اللُّغوي، أحد أئمة اللسان، وكان في جودة الخط كابن مقلة ومهلهل، وأكثر التَّرحال، ثم سكن نيسابور. قال القفطي: إنه مات متردِّياً من سطح داره بنيسابور في هذا العام، قال: وقيل مات في حدود الأربعمائة، وقيل، إنه تسودن، وعمل له شبه جناحين وقال: أريد أن أطير، وطفر، فأهلك نفسه، رحمه الله تعالى.
والطائع لله، أبو بكر عبد الكريم بن المطيع لله الفضل بن المقتدر بالله بن المعتضد بالله أحمد بن الموفق العباسي، كانت دولته أربعاً وعشرين سنة، وكان مربوعاً أبيض أشقر كبير الأنف شديد القوى، في خلقه حدّة خلع من الخلافة في شعبان، سنة إحدى وثمانين، وبالقادر بالله، ولم يؤذره، بل بقى مكرماً محترماً في دارٍ عند القادر بالله، إلى أن مات، ليلة عيد الفطر، وله ثلاث وسبعون سنة، وصلّى عليه القادر بالله، وشيّعه الأكابر، ورثاه الشريف الرضيّ.
والمنصور الحاجب أبو عامر، محمد بن عبد الله بن أبي عامر القحطاني المعافري الأندلسي، مدبّر دولة المؤيد بالله، هشام بن المستنصر بالله، الحكم بن الناصر عبد الرحمن الأموي، لأن المؤيد، بايعوه بعد أبيه، وله تسع سنين، وبقي صورة، وأبو عامر هو الكل، وكان حازماً بطلاً شجاعاً غزّاء عادلاً سائساً، افتتح فتوحات كثيرة وأثر آثاراً حميدة، وكان لا يمكّن المؤيد من الركوب، ولا من الاجتماع بأحد، إلا بجواريه.
والمخلِّص أبو طاهر، محمد بن عبد الرحمن بن العباس البغدادي ابن الذَّهبي، مسند وقته، سمع أبا القاسم البغوي، وطبقته. وكان ثقة.
توفي في رمضان، وله ثمان وثمانون سنة.

.سنة أربع وتسعين وثلاثمئة:

فيها توفي أبو عمر عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب السُّلمي الأصبهاني المقرئ روى عن عبد الله بن محمد الزُّهري، ابن أخي رستةَ وجماعة، وكتب الكثير، توفي في ذي القعدة.
وأبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت البغدادي، نزل مصر، وحدّث عن البغوي، وأبي بكر بن أبي داود. قال الخطيب: كان شيء الحال في الرواية، توفي بمصر.
ومحمد بن عبد الملك بن ضيفون، أبو عبد الله اللَّخمي القرطي الحداد، سمع عبد الله بن يونس القبري، وقاسم أصبغ، وبمكة من أبي سعيد ابن الأعرابي. قال ابن الفرضي: لم يكن ضابطاً، اضطر في أشياء.
ويحيى بن إسماعيل الحربي المزكّى، أبو زكريا، بنيسابور، في ذي الحجة، وكان رئيساً أدبياً أخبارياً متقناً، سمع من مكي بن عبدان وجماعة.